كلما نزلت اية فامنت به قوم فاهتدوا وكفرت به قوم فضلوا- وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (26) الخارجين عن حد الايمان وعن امر الله تعالى يقال فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها والفسق في اصطلاح الشرع ارتكاب الكبيرة وله درجات ثلث أعلاها الكفر بما يجب الايمان به فان الكفر أعظم الكبائر وهو المراد بالفسق في القران غالبا- ثانيها انهماك الكبائر- ثالثها ارتكاب الكبيرة او الإصرار على الصغيرة مستقبحا إياها.
الَّذِينَ صفة للفاسقين للذم وتقرير الفسق- او للتقييد ان كان المراد بالفاسقين أعم من الكفار والعصاة يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ الذي عهد إليهم في التورية ان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبينوا نعته ولا يكتمونه او الذي عهد إليهم بقوله- أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى - والنقض في الأصل فسخ تركيب الحبل يستعمل في ابطال العهد لان العهد يستعار له الحبل لما فيه ارتباط المتعاهدين- مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ- اى العهد- والميثاق مصدر بمعنى الوثوق- او اسم لما وثق به العهد من الآيات والكتب ومن للابتداء فان ابتداء النقض بعد الميثاق وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ- ان يوصل بدل من الضمير المجرور اى امر الله بان يوصل الايمان بالأنبياء كلهم ويقال لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ- وهم يقطعونه ويقولون نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض- او يقطعون كل ما امر الله به ان يوصل كالارحام وغيرها وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالمعاصي والكفر بالقران وبمحمد صلى الله عليه وسلم ويهلكون الحرث والنسل أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (27) المغبونون حيث اشتروا الفساد بالصلاح- ولما ذكر أوصاف الكفار ومقالاتهم الخبيثة خاطبهم على سبيل الالتفات باستفهام إنكاري عن الحالة التي يقع عليها الكفر لان كل حالة معتورة عليهم من الأحوال الموت والحيوة بعدها- والموت بعدها- والحيوة بعدها والرجوع الى الله تعالى وغيرها من الأحوال حادثة صادرة من الواجب الوجود مقتضية للايمان به تعالى نعمة من الله مقتضية لشكره دون كفرانه ففيه انكار وتوبيخ على كفرهم بأبلغ الوجوه فقال.
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ مع فيام الدلائل على وجوده وَكُنْتُمْ أَمْواتاً- عناصر واغذية واخلاطا ونطفا وعلقات ومضغات وأجساد [1] ابلا روح- وفيه دليل على ان الإنسان وان كان مركبا من الاجزاء العشرة- خمسة منها من عالم الخلق- العناصر الاربعة والنفس الحيواني [1] فى الأصل أجساد